بقلم: د. شارون جرعين-طال | دكتورة في التمويل والشؤون المالية، باحثة ومحاضِرة كبيرة

تُظهر الأبحاث أنّ ما يدفعنا إلى البدء في الاستثمار هو الشعور بالكفاءة الذاتية – الإحساس بأننا نعرف ماذا نفعل. لكن، وبشكل مُفارِق، هذا الشعور بالكفاءة غالبًا لا يأتي إلا بعد أن نخطو الخطوة الأولى.

إنها معضلة "البيضة والدجاجة" بنسخة سوق المال.

الكثيرون ممّن يرغبون في الدخول إلى عالم الاستثمار يجدون أنفسهم متردّدين وقلقين.

المخاوف طبيعية، لا سيما في الخطوة الأولى. لكن الأبحاث تشير إلى أنّ هناك طريقة لتجاوز هذا الحاجز: خلق وتطوير الشعور بالكفاءة الذاتية – من خلال التوجيه، المعرفة والبدء التدريجي بشكل واعٍ.

ما هو الشعور بالكفاءة الذاتية؟

قام الأخصائي النفسي ألبيرت بندورا بصياغة مفهوم "الكفاءة الذاتية (Self-Efficacy)"، الذي يعني إيمان الإنسان بقدرته على إتمام مهمة معيّنة ومواجهة التحديات. هذا ليس مجرد شعور بالثقة العامة، بل ثقة محدّدة – بقدرتنا على القيام بعملية محددة.

عندما ننجح في مهام صغيرة ونشعر بالسيطرة عليها، نصبح أكثر استعدادًا لتحمّل مهام أكبر. هذه النجاحات الصغيرة هي الوقود الذي يغذّي دوافعنا ومحفزاتنا للاستمرار.

لماذا يُعتبَر هذا مهمًا في الاستثمار؟

الاستثمار، خاصة في بداياته، قد يبدو عالمًا معقّدًا ومليئًا بالتحديات. هناك أيام ينخفض فيها السوق، وأيام أخرى يرتفع فيها. حالة عدم اليقين والمخاطرة هي جزء لا يتجزأ من عالم الاستثمارات.

وهنا تبرز أهمية الشعور بالكفاءة الذاتية: عندما يكون عاليًا، نشعر بثقة أكبر في اتخاذ القرارات، حتى عندما لا تكون الظروف مثالية. إضافةً إلى ذلك، نكون على يقين أنه حتى لو واجهنا صعوبات – سنكون قادرين على مواجهتها.

الخطوة الأولى – صغيرة، لكنها تغيّر كل المعايير

خطوتكم الأولى في الاستثمار يمكن أن تكون بسيطة للغاية – مثل استثمار مبلغ 500 شيكل فقط. قد يبدو ذلك مبلغًا رمزيًا، لكن من الناحية النفسية، له أهمية كبيرة، لأنه يخلق لنا تجربة نجاح: فتحتم حسابًا، حوّلتم المال، وبدأتم بالاستثمار!

كل خطوة صغيرة من هذا النوع تُضيف القليل من ثقتكم بأنفسكم كمستثمرين. ومع الوقت، قد تُمكِّنكم هذه البداية من خوض استثمارات أكبر واتخاذ قرارات أكثر تعقيدًا. وكل ذلك وفقًا لاحتياجاتكم، معطياتكم وما يلائمكم. 

كيف نعزّز الشعور بالكفاءة الذاتية في الاستثمار؟

بحسب بندورا، تتعزّز الكفاءة الذاتية بالأساس من خلال تجارب النجاح. لذلك، المفتاح هو البدء بخطوات صغيرة – خطوات تثقون من أنكم قادرون على إنجازها.

• ابدؤوا بخطوة بسيطة: مثل استثمار 500 شيكل. 
• احتفلوا بكل نجاح صغير: فتح حساب، قراءة مقال عن الاستثمار، القيام بالعملية الأولى – كلها خطوات جوهرية ومهمة. 
• تذكّروا أن هذه مسيرة: حتى لو واجهتم هبوطًا أو أخطاء، فإن كل تجربة كهذه – والتعامل معها – تضيف لكم خبرة وثقة. 
• تعلّموا واستثمروا تدريجيًا: المعرفة التي تكتسبونها والخطوات التي تقومون بها ستزيد من شعوركم بالسيطرة والكفاءة.

معنى الخطوات الصغيرة

في كل مرة تخطون خطوة – حتى لو بدت هامشية وصغيرة – فإنّكم في الواقع تعززون شعوركم بالكفاءة الذاتية وتثبتون لأنفسكم أنكم قادرون على مواجهة التحدي. 

حتى لو لاحظتم هبوطًا في السوق، تذكّروا: هذا جزء من قواعد اللعبة. بمجرّد أنكم تواصلون وتتعلمون وتخوضون التجربة – هذا بحد ذاته نجاح.

مع ذلك، تجدر الإشارة - حتى في الاستثمار بمبالغ صغيرة، أنتم معرّضون لتقلبات السوق ولخسائر مؤقتة. الاستثمارات بطبيعتها، تنطوي على حالات عدم يقين، ولا توجد طريقة لضمان عائد ثابت أو لتفادي الخسارة تمامًا. 

وختامًا:

الطريقة للتغلّب على الخوف من الاستثمار لا يبدأ بمعرفة لا متناهية أو بمبالغ ضخمة، بل بخطوة صغيرة تثبتون فيها لأنفسكم أنكم قادرون. استثمار أول 500 شيكل ليس مجرّد معاملة مالية - بل خطوة نفسية تضع الأساس لانطلاقتكم الناجحة في عالم الاستثمار. 

كلما واصلتم تحقيق نجاحات صغيرة، ازدادت ثقتكم بنفسكم وتلاشى القلق.

إذًا، لا تنتظروا اللحظة المثالية – ابدؤوا اليوم، بخطوة صغيرة، ودعوا كفاءتكم الذاتية تقودكم نحو النجاح المالي.

*كاتبة المقال حاصلة على دكتوراه في التمويل والشؤون المالية، وليست موظفة في بنك هبوعليم. المعطيات والمعلومات التي استُخدمت لإعداد هذا المقال اعتُبِرت أنها صحيحة، دون أن يقوم بنك هبوعليم م.ض ("البنك") بفحصها بشكل مستقل. البنك وموظفوه غير مسؤولين عن اكتمال أو دقة هذه المعلومات أو عن أي سهو أو خطأ أو نقص آخر في المقال. لا يشكل المقال عرضًا أو نصيحة لأوراق مالية و/أو استشارة استثمارات أو بديلاً عن الاستشارة الاستثمارية التي تأخذ في الاعتبار بيانات واحتياجات الفرد الشخصية. تقدَّم الاستشارة المالية وفقًا للتوقيع على اتفاقية استشارة ووفقًا لشروط البنك. الاستثمار في الأوراق المالية، الأصول المالية والمنتجات الأخرى ينطوي على مخاطر، وقد يصل إلى حالة كامل مبلغ الاستثمار بأكمله أو جزء منه.  

هل تريدون تفاصيل عن حملة السهم؟

**امتياز سهمان لبنك هبوعليم مجانًا للزبائن المستحقين الذين يختارون ذلك. وفقًا لشروط البنك كما هو مفصّل في الموقع (بما في ذلك الجوانب الضريبية، جوانب حيازة الأسهم وطرق البيع). يُمنح الامتياز مرة واحدة في الحساب. هذا الإعلان ليس عرضًا لأوراق مالية أو استشارة استثمارات. البنك لا يبدي أي رأي بشأن الجدوى من الاستثمار في السهم، بما في ذلك حيازتها، بيعها أو شراء أسهم إضافية منها.

*** هذا المحتوى هو عبارة عن معلومات وشرح عام فقط، وهو لا يشكل استشارة تقاعدية أو استشارة من نوع آخر، ولا يشكّل بديلًا للاستشارة التقاعدية أو المالية، حسب مقتضى الحال، الملاءَمة خصيصًا للعميل واحتياجاته الشخصية. المعلومات معروضة بشكل عام ووفقًا للقانون والقواعد المألوفة في موعد رفع المحتوى على الموقع.