بقلم: د. موران أوفير
تكمن أهميّة الثقافة الماليّة في أنّها تُكسِب القدرة الأساسيّة والجوهريّة على اتّخاذ القرارات الماليّة في العالم الحديث. الكثير من الأبحاث تُشير بوضوح إلى أنّ مستوى الثقافة الماليّة لدى الرجال أعلى من ذلك الذي للنساء.
بالإضافة إلى ذلك، تدلّ الأبحاث على أنّ الفجوة في الثقافة الماليّة بين الرجال والنساء تبدأ بالظهور في أعمار صغيرة (في مجال الأعمار 13-15 عامًا). في محاولة لمعرفة سبب ظهور تلك الفجوات بين الجنسين في أعمار صغيرة فُحصت العلاقة بين التفكير النمطيّ والثقافة والماليّة. وُجِد أنَّ الفكرة النمطيّة السائدة في أوساط الشبيبة هي أنّ الفتيان يتمتّعون بقدرات ماليّة عالية ومعرفة ماليّة أكبر من تلك التي للفتيات، لذلك كلّما تعزَّز هذا الاعتقاد في أوساط الشبيبة زادت الفجوات في الثقافة الماليّة بين الفتيات والفتيان. أمّا في أوساط الشبيبة التي لم يكن لديها أفكار نمطيّة من هذا النوع فلم تكن هناك أيّ فجوة في الثقافة الماليّة بين الجنسين.
رغم أنّ الفجوة واضحة بين الرجال والنساء من ناحية مستوى الثقافة الماليّة لدى كلٍّ منهما وأنّها قائمة في كلّ البلدان وفي كل الأعمار، لا توجد حتّى الآن بيّنات وإفادات واضحة حول عوامِل تكوُّن هذه الفجوة. اقتُرحت في الأبحاث بعض الفرضيّات للعوامل التي تُفسِّر سبب تلك الفجوة في الثقافة الماليّة بين الجنسين كالميل الشخصيّ لدى كلٍّ من الجنسين، اهتمامات كلٍّ من الجنسين والخبرة الحياتيّة.
علاوة على ذلك، عندما نفحص الإدارة الماليّة في المنازل نرى أنّ الرجال هم الذين يتّخذون غالبيّة القرارات الماليّة الخاصّة بالبيت، الأمر الذي يؤول إلى اكتسابهم لخبرة ماليّة أعلى من النساء، وهكذا تزداد ثقافتهم الماليّة جرّاء كلّ قرار يتّخذونه.
تُشير الأبحاث أيضًا إلى أنّ النساء بأنفسهنّ يَمِلنَ إلى تولية أزواجهنّ مهمّة اتّخاذ القرارات الماليّة في البيت، خاصّةً تلك القرارات التي تتعلّق بالاستثمار والتوفير. هناك بحث حديث أجراه بنك الاستثمارات UBS تُشير نتائجه إلى أنّ النساء في جميع أنحاء العالم يفضِّلن تولية أزواجهنّ مهمّة اتّخاذ القرارات المالية طويلة الأمد؛ كما تدلّ نتيجة هذا البحث على أنّ هذه الظاهرة سائدة بشكل خاصّ لدى المولودين في الثمانينات والتسعينات من القرن الفائت (ما يُسمّى جيل الألفية أو جيل ال Y). يُنسَب السبب في ذلك عادةً إلى أنّ النساء بطبيعتهنَّ يبغضنَ المخاطرة والمجازفة، لذلك يفضّلنَ ألّا يقمن هنّ بأنفسهنّ باتّخاذ قرارات ماليّة تتطلّب مستوى معيّنًا من المجازفة.
وَجَدَ أحد الأبحاث التي أُجريت في إيطاليا أنّ الرجال بالمعدّل يميلون أكثر من النساء لاتّخاذ القرارات الماليّة الخاصّة بالبيت، ولكن كلّما تقدّمت المرأة في العمر اقترب قدر دَخْلِها ومستوى ثقافتها من قدر دَخْل الرجل ومستوى ثقافته، وهكذا يزداد الاحتمال حينئذٍ بأن تصبح المرأة هي الشخصيّة المركزيّة التي تتّخذ بنفسها القرارات الماليّة في البيت.
وُجد أنّ هناك علاقة وطيدة ومباشرة بين مستوى الخبرة والثقافة الماليّة لدى الشريكَيْن وبين اختيار الفرد من بينهما الذي ستُلقى عليه مهمّة اتّخاذ القرارات الماليّة في البيت. وُجد في النمسا أنّ الشريك الذي يتّخذ القرارات الماليّة في البيت هو ذلك الذي يتمتّع بخبرة أكبر بشؤون التوفير والاستثمار. وُجد في أحد الأبحاث التي أُجريت على شريحة معيّنة من المولودين في الثمانينات والتسعينات (أي جيل الألفيّة أو جيل ال y) أنّ العائلات التي تمتّعت بها المرأة بخبرة ماليّة أعلى من زوجها كانت هي الشخصيّة المركزيّة في البيت التي اتّخذت القرارات الماليّة.
هناك أيضًا علاقة مباشرة ووطيدة بين مستوى الثقافة الماليّة وثقة الفرد بقدرته على اتّخاذ القرارات الماليّة. تُبيّن الأبحاث أنّ الرجال يثقون أكثر من النساء بقدراتهم الماليّة. في أحد الأبحاث، وُضِعَت أمام الرجال والنساء نفس قرارات الاستثمار وطُلِب منهم تدريج ما مدى ثقتهم بقرارات الاستثمار التي اتّخذوها، فكانت النتيجة بأنّ النساء المُستثمِرات كنَّ اقلّ ثقة بقراراتهنّ من الرجال المُستثمِرين. وُجد أيضًا بأنّ النساء يَمِلْنَ بمدًى أقلّ من الرجال إلى اعتبار أنفسهنّ أفضل من غيرهنّ في اتّخاذ القرارات المالية، كما أنّهنّ يَمِلْنَ إلى نَسْب نجاحهنّ في القرارات الماليّة إلى الحظّ وليس لقدراتهنّ الشخصيّة.
عدم التوازن بين الشريكين في اتّخاذ القرارات الماليّة يؤدّي إلى تداعيات على المدى الطويل خاصةً بسبب حقيقة أنّ متوسّط عمر النساء أعلى من ذلك الذي للرجال. هذا الأمر يُسبّب للنساء صعوبات اقتصاديّة في أعمارهنّ المتقدّمة ممّا يؤدّي بهنّ إلى العيش بمستوى معيشة منخفض والاعتماد على معاش تقاعُد منخفض والشعور بالتوتُّر الكبير الناجم من الصعوبات الاقتصادية. بشكل عامّ، يمكننا القول إنّ النساء أكثر تعرُّضًا لخطر العيش بصعوبات ماليّة بعد التقاعد من الرجال. هذا الخطر يزداد كلّما انخفض مستوى الثقافة الماليّة لدى المرأة.
خلاصة القول، للثقافة الماليّة أهميّة حاسمة إذ أنّها تُكسبنا القدرة على القيام بإدارة ماليّة صحيحة، وتضمن لنا مستوى معيشة لائق وتُقلِّص خطر دخولنا في ضائقة ماليّة. التحلّي بالثقافة الماليّة يُعتبَر مفتاحًا لخلق توازُن ومساواة بين الشريكَيْن من ناحية اتّخاذ كلٍّ منهما للقرارات المالية الأمر الذي سيحدّ من استمرار الرجال الذين يتمتّعون بثقافة مالية عالية باتّخاذ القرارات الماليّة وجمع خبرة ماليّة أكبر من النساء ممّا يؤدّي إلى زيادة الهوة بين الرجال والنساء أكثر فأكثر. من المهمّ اكتساب الثقافة الماليّة منذ الصغر لأنّ الفجوات بين الجنسين في تلك الفترة تكون صغيرة.
فيما يلي عدّة أدوات ومصادر معلومات كثيرة لاكتساب الثقافة الماليّة منها. من جملة الوسائل التي يمكنكنّ من خلالها اكتساب الثقافة المالية الاشتراك في مساقات، الاستماع إلى بثّ صوتيّ عن هذا الموضوع، قراءة مدوّنات إلكترونيّة (blog) واستهلاك مضامين ذات صلة بالموضوع.
كيف وُلِدت الفكرة؟
في الكثير من الحالات التي تنشأ بها الحاجة إلى تسيير أمور اقتصاديّة معيّنة تقوم النساء عادةً بِتَوْلِيَة هذه المهمّة للرجال.
في السنتين الأخيرتين شهدت البلاد يقظة اقتصاديّة بين النساء إذ أنّهنّ بدأنَ بتعلُّم مساقات اقتصاديّة وبالاستثمار وبالانضمام إلى مجتمعات سوق المال. ولكن، في نفس الوقت، تدخُل النساء في دَيْن أكثر من الرجال، كما أنّهنّ لا يَثِقْنَ بِقدرتهنَّ على دَفْع المصاريف. بالإضافة إلى ذلك، تُوفِّر النساء نقودًا أقلّ من الرجال وبشكل عامّ لا يتدخّلن كثيرًا بالاستثمارات وبالقرارات الماليّة في العائلة.
تَبيَّنَ لنا من استطلاع للرأي أجريناه في موضوع السلوكيّات الماليّة أنّ النساء يتدخَّلنَ أقلّ من الرجال في المواضيع المالية:
تُشِير نتائج الاستطلاع إلى أنَّ النساء لا يشعرن بثقة عالية في النفس حِيالَ تحقيق الأهداف الماليّة، ولهذا الأمر تداعيات وأبعاد سلبيّة، فكلّما قلّ عدد النساء اللواتي يُدِرْنَ أموالهنَّ قلّ عدد النساء اللواتي يعتبرن أنفسهنَّ قادرات على القيام بذلك. في هذا السياق أريد الحديث عن دانا المُوفِّرة.
كيف بدأ الأمر ومَن هي دانا المُوفِّرة؟
إنَّ شخصيّة "دان المُوفِّر" التي ظهرت في سنوات الستّين من القرن الماضي والتي شجّعت الشبّاب في البلاد على توفير المال هي ليست مجرّد شخصيّة عابِرَة، وإنّما هي بمثابة شخصية عامة واسم مرادف للسلوك الاقتصاديّ المسؤول. فعندما تقول مثلاً "إنّ هذا الفتى هو كَدان المُوفِّر" فأنت عمليًّا قلتَ كلّ ما تريد إيصاله للمتلقّي بواسطة هذه الجملة البسيطة.
دانا المُوفِّرة هي حفيدة دان المُوفِّر. هي شابّة يبدو على وجهها أنّها تفهم العالم جيِّدًا. ترعرعت دانا في بيت ذات معرفة واسعة بالاقتصاد، وتحوّلت مع الوقت كجدِّها إلى رمز للإدارة الاقتصاديّة الحكيمة، بالإضافة إلى تحوُّلها إلى مصدر إلهام للمساواة بين الجنسين والنموّ الماليّ للنساء.
دانا شخصية مميّزة ومختلفة. جدُّها هو دان المُوفِّر الذي بذل جهودًا كبيرة لتعليمها، كما أنّه جنّد كلّ العائلة لنفس المهمّة. علّمها المواضيع الماليّة كالفوائد المصرفيّة والتقاعد، ولكن من المهمّ التنويه إلى أنّ دانا لا تخاف من المال أبدًا بل بالعكس. فَقَبْلَ سفرها إلى خارج البلاد مع صديقاتها تحدّثت معهنَّ عن سعر تحويل العملات الأجنبيّة وكيف أنّ المال في دُوَل أخرى كالولايات المتّحدة يؤثّر على الشيكل.
لن تكون دانا مُوفِّرة فقط بل ستكون أيضًا مُستثمِرة في المستقبل. نحن ننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي ستتمتع فيه من الفائدة على التوفير ومن مردود الاستثمارات التي ستقوم بها. ولكن ما زال أمامها عمل كثير لتقوم به.
وضعنا نصب أعيننا هدفًا بأن تُصبح دانا مصدر إلهام للجيل الجديد من المراهقات والفتيات والنساء المُقتدِرات ماليًّا وأن تجعل كلَّ ما كان مألوف وطبيعيّ لها في البيت مُتاحًا للنساء الأخريات ومألوفًا وطبيعيًّا لهنَّ. لا يوجد أيّ جدال حول أهميّة ذلك. على المستوى الشخصيّ ستتمتّع النساء بالاستقلالية، أمّا على المستوى الاجتماعي والقوميّ فإنّ النساء سيساعدن على تنمية الاقتصاد والمجتمع ونقلهما إلى مكان أفضل. لا توجد أيّ خسارة في ذلك بل بالعكس هناك ربح على جميع الأصْعِدة.
كجزء من مهمّتنا الاجتماعيّة نحن نعمل بدون كلل لمساعدة النساء وتطويرهنَّ في مجالات متعدّدة: تعزيز القيادة النسائية منذ سنّ صغيرة، مساعدة النساء المُتضرِّرات من العنف وغير ذلك. كما أنّنا وضعنا لأنفسنا هدفًا لتزويد النساء بالأدوات التي يَحْتَجْنَها في طريقهنَّ إلى الاستقلاليّة الماليّة والاقتصاديّة بواسطة مركز النموّ الماليّ.
دانا هي اسم مُرادِف للتعزيز النسائيّ ونشاطها عبارة عن برنامج لتطوير النساء الذي سيُضاف إلى نشاط البنك.
أنا شخصيًّا أودّ أن أؤكّد أنّ تغيير المفاهيم التي تُعيق وتُثبِّط النساء يتطلّب جهودًا مُكثَّفة. بالنسبة لنا، دانا هي شخصيّة ستُصاغ وفقًا للآراء الحكيمة الجماعيّة. لذلك، يُسعدني أن تقترحوا لي أفكاركم لكيفيّة تحويل دانا إلى شخصيّة ستُغيِّر الواقع للنساء والمراهقات والفتيات.
عيد امرأة سعيد لَكُنَّ جميعًا!
بقلم: د. موران أوفير
هناك مُجازفة ما في غالبيّة القرارات التي نتّخذها في الحياة. يصحّ قول ذلك على كلّ القرارات المتعلّقة باختيار مهنة، شراء بيت، اختيار موضوع التعليم وغير ذلك. ولكن هل هناك فجوة بين الرجال والنساء من ناحية مدى استعداد كلٍّ منهما للمجازفة؟
تُشير الأبحاث إلى أنّ النساء يبغضنَ المجازفة في جوانب عديدة ومتنوّعة من الحياة أكثر من الرجال. ينطبق هذا القول على اختيار المهنة، الاستثمارات والمقامرة، وكذلك على تجارب المختبر والمعلومات الحقيقيّة المعروفة مسبقًا والتي تُستعمَل أساسًا للأبحاث. بناءً على الأبحاث النفسيّة وُجد أنّ السبب لهذه الفجوة بين الرجال والنساء يكمن في أنّ الرجال يَعُدّون المجازفة تحدّيًا يجب مواجهته والتعامل معه أمّا النساء فيرونه تهديدًا يجب تجنُّبُهُ. نتائج الأبحاث هذه متشابهة لدى شعوب كثيرة وفي بلدان وثقافات مختلفة إذ وُجدت نفس النتائج في أماكن مختلفة من جميع أنحاء العالم.
رغم أنّ معظم الدلائل تُشير إلى أنّ النساء لا يُفضِّلن المجازفة في مختلف مجالات الحياة، إلّا أنَّ الغالبيّة الساحقة من الدلائل البحثيّة تتطرّق فقط إلى الفجوات بين الرجال والنساء من ناحية تفضيل كلٍّ منهما للمجازفة في القرارات الاقتصاديّة والماليّة.
وُجِد في الأسواق الماليّة أنّ هناك علاقة مباشرة بين المجازفة والمردود، فكلّما كان الاستثمار ذات مستوى مجازفة أعلى كان بالإمكان جني مردود أعلى منه على المدى الطويل. هكذا فإنّ الاستثمارات ذات المجازفة المنخفضة كالوديعة أو سَنَد دَيْن ستجني بالمعدّل مردودًا أقلّ من الاستثمارات ذات المجازفة العالية كالأسهم وعُقود الاختيار الماليّة. لذلك، هناك علاقة وطيدة بين تفضيل المجازفة في الأسواق الماليّة وبين الربح الناتج من ذلك. تجدُر الإشارة إلى أنّ معظمنا نستثمر في سوق المال حتّى بدون أن نقوم بذلك بشكل مباشر، وذلك عن طريق توفير التقاعد، صندوق الاستكمال، صندوق الادّخار والصندوق الائتمانيّ حيث يمكننا في جميعها اختيار مسارات متنوّعة اعتمادًا على مستويات مختلفة من المجازفة.
الأبحاث التي فحصت قرارات استثمار حقيقيّة وجدت أنّ للنساء قدرة أقلّ على تحمُّل المجازفة، فَهُنّ يُفضِّلنَ امتلاك أملاك أقلّ خطورةً في ملفّ استثمارهنّ، كما أنّهنّ يَمِلْنَ إلى اختيار مسارات أقلّ خطورةً في توفير التقاعد، علاوة على ذلك إنَّهنّ غير مستعدّات للتعرّض لمجازفات ماليّة مقارنةً بالرجال.
رغم وجود إجماع واسع في الأبحاث على أنّ النساء يفضّلنَ المجازفات الماليّة أقلّ من الرجال إلّا أنّه لا يوجد إجماع حول أسباب ذلك. أحد الأسباب التي وُجدت في الأبحاث لتلك الفجوة هو الوضع الاجتماعيّ-الاقتصاديّ للنساء. بما أنّ غالبيّة النساء يتقاضين أجرًا أقلّ من الرجال فإنَّهُنَّ أقلّ استعدادًا للمجازفة (هذا يلائم ما تمّ التوصّل إليه في الأبحاث التي تفحص مدى تفضيل المجازفة بالنسبة لمستوى الدَّخل إذ أنّها تُبيّن أنّ تفضيل المجازفة يزيد كلّما كان الدَّخل أعلى).
سبب آخر لتلك الفجوة ينبع من التفاوت الكبير في الثقافة الماليّة والخبرة الماليّة بين النساء والرجال. هناك علاقة مباشرة بين الثقافة والمعرفة الماليّة وبين الاستعداد للمجازفة، فكلّما زادت الثقافة والخبرة الماليّة زاد الميل للمجازفة الماليّة. بما أنّ النساء يدرسنَ عادةً الثقافة الماليّة خلال فترات قصيرة من حياتهنّ وخبرتهنَّ الماليّة متدنّية، فإنّ هذا الأمر يؤدّي بهنَّ للمجازفة بمدًى أقلّ.
فرضيّة أخرى طُرِحت في الأبحاث تنسب هذه الفجوة في المجازفة الماليّة بين الرجال والنساء إلى عوامل بيولوجيّة وجينيّة وعوامل إدراكيّة وعاطفيّة. مع ذلك، الأبحاث التي فحصت الفجوات في تفضيل المجازفة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3-11 وَ 5-13 عامًا لم تجد أيّ فرق بين الأولاد والبنات من ناحية تفضيل كلٍّ منهما للمجازفة في هذه الأعمار. هذه النتائج تُعزِّز الفرضيّات التي تؤكِّد أنّ هذه الفجوات لا تنبع من سبب جينيّ وإنّما هي ناجمة عن تأثيرات اجتماعيّة وبيئيّة. كلّما تقدّم العمر بدأت الفجوة في تفضيل المجازفة بالنشوء بحيث أنّ الرجال يصبحون أكثر استعدادًا للمجازفة من النساء. هذه الفجوة تصل إلى ذروتها في سنوات الثلاثين من عمر النساء والرجال.
أحد التفسيرات للفجوات بين مفهوم كلٍّ من النساء والرجال للمجازفة يتعلّق بالشعور بالثقة عند اتّخاذ القرارات الماليّة. المُستثمِرون الذين يتمتّعون بثقة عالية لديهم ملفّات استثمار ذات نسبة مجازفة عالية ويقومون بأعمال تجاريّة بمدًى أكبر. ولكن في نفس الوقت يتّضح أنّ هذه الثقة المفرطة يمكنها أن تؤول إلى مردود أقلّ في ملفّات الاستثمار بسبب كثرة الأوامر والأعمال التجاريّة التي تتمّ بسببها. هناك بحث حلّل معطيات تجاريّة لِ 35،000 أسرة ووجد أنّ الرجال يُجرون أعمال تجاريّة بنسبة 45% أكثر من النساء والمردود السنويّ المتوسّط لملفّ استثماراتهم أقلّ بنسبة 1.4% من ملفّات الاستثمار التي للنساء. أمّا بين العازبين فهذه الفجوات ذاتُها تصبح أكبر. الرجال العازبون يتاجرون بتردُّد أعلى من النساء العزباوات بنسبة 67% ومردودهم السنويّ المتوسّط أقلّ بنسبة 2.3% من مردود ملفّات استثمار النساء العزباوات. التجارة المتكرّرة أدّت بملفّات استثمار الرجال إلى جني مردود أقلّ بالمعدّل. ينسب الباحثون السبب في ذلك إلى عدم تحلّي النساء بالثقة الزائدة في النفس عند اتّخاذهنَّ للقرارات الماليّة، ولذلك فإنّهنّ يتاجرن بحذر أكبر ويعتمدن على تحليل المعلومات في مراسيم التجارة ويَمِلن أكثر لطرح الأسئلة. هذا الأمر يؤدّي بالضرورة إلى القيام بعدد أقلّ من الأوامر في ملفّاتهنَّ لأنّ اتّخاذ القرار بشأن كلّ أمر تجاريّ يتطلّب منهنَّ وقتًا كبيرًا.
في المجمل، تفضيلات النساء المختلفة للمجازفة يمكنها أن تؤدّي بهنّ إلى الحصول على مردود أكبر، ولكن مع ذلك من المهمّ فَهْم الفجوة بين النساء والرجال من ناحية تفضيل كلٍّ منهما للمجازفة، كما أنّه من المهم فَهْم تداعيات ذلك. بما أنّه لا توجد أسباب جينيّة لهذه الفجوة بل هي وليدة تأثيرات اجتماعيّة وبيئيّة فبالإمكان تقليصها بواسطة تزويد النساء- وبالأخصّ الفتيات الشابّات- بالأدوات والمعرفة اللازمة بغية تنمية ثقافتهنّ الماليّة وتشجيعهنّ على المشاركة في القرارات الماليّة المنزليّة، وهكذا يمكنهنّ جَمْع خبرة ماليّة وبناء ثقتهنّ بأنفسهنّ عند اتّخاذهنَّ للقرارات المتعلّقة بالعالَم الماليّ.
طوال مئات السنين لم يكن للنساء أي دور حقيقي في قطاع المال والاقتصاد، وذلك بسبب المعوقات الثقافية والقانونية. في السنوات الأخيرة نرى تحولّا ملحوظاً في هذا الأمر وصرنا نشهد العديد من المجموعات النسائية التي تُقام للعمل والتأثير في مجالات المال، وأيضا أصبح وجود القيادات النسائية في كبرى الشركات والمؤسسات المالية أمراً طبيعيا.
لكن ما الذي يمنع دخول النساء إلى عالم الاستثمارات والأموال، وما هي المميزات التي تكون للنساء في هذا العالم، وكيف يمكن الحديث عن الموضوع بشغف واهتمام؟ د. شارون جرعين, طال, ونيطاع يرمي يتحدثن عن هذه الموضوع بتعمق في هذه الحلقة الخاصة عن النساء، المال وعالم الاستثمار.
*"المعلومات التي تظهر في الموقع هي عامه وتهدف لتوسيع الافاق بكل ما يتعلق بالتخطيط المالي, انتبهوا ان المعلومات قد تكون جزئية ولذلك فهي لا تشكل بديلا للاستشارة الشخصية. المعلومات في الموقع ليست استشاره , نصيحة, رأي او اي بديلا للاستشارة الاحترافيه المعده للزبائن بشكل شخصي".
وقتك مليء بالمهام وليس لديك اي وقت للتفكير في المستقبل؟
نحن هنا لنذكرك بالنظر إلى المستقبل والتاكد من حصولك على معاش تقاعدي مناسب يضمن لكِ المستقبل!
من المفهوم ضمنًا أنّك تعلمين أنّ التقاعد هو موضوع هامّ، ولكنّك على الأغلب لا ترغبين في الانشغال به الآن فأنتِ ما زلتِ شابّة ولديك الكثير الوقت حتّى بلوغك سنّ التقاعد...
توفير تقاعدك هو توفير هامّ ستوفّرينه خلال حياتك، لذلك من المهمّ أن تسألي نفسك إذا كنتِ تعلمين ما الذي يشتمل عليه هذا التوفير؟
ما مدى اطّلاعك على المبالغ التي تُودِعِينها كلّ شهر؟
وما الذي يمكن أن يحدث إذا فقدتِ فجأة قدرتك على العمل بسبب مرض أو حادث لا سمح الله، هل ستتمكّنين عندها من الاستمرار بالاهتمام بعائلتك؟
وإذا وُلد/وُلدت لكِ ابن/ة وأردتِ عندها تمديد عطلة الولادة، كيف يمكن لأمر كهذا أن يؤثّر على توفير تقاعدك؟
نحن نعتقد أنّ المستقبل ما زال بعيدًا وأنّه يتعلّق بتغييرات كثيرة من الممكن أن تحدث، ولذلك هناك نساء يفضّلنَ التركيز على الوقت الحاضر فقط دون التفكير بالمستقبل، ولكن علينا أن نهتمّ بمستقبلنا بالضبط كما نهتمّ بحياتنا اليوميّة وبعائلاتنا. فيما يلي بعض الأقوال الشائعة عن توفير التقاعد وتحت كلِّ قول شرح عليه:
1. "... لا حاجة للانشغال الآن بتوفير تقاعُدي، فما زال لديَّ الكثير من الوقت حتّى بلوغي سنّ التقاعد..."
الوقت الحاليّ هو أفضل وقت بالذات للاهتمام والانشغال به بتوفير تقاعُدك، وذلك لأنّ قيمة كلّ شيكل ستُوفّرينه الآن من الممكن أن تزداد بنسبة ملحوظة عند بلوغك سنّ التقاعد، فعندما نوفِّر نقودًا لفترة طويلة نسبيًّا فإنّ الفائدة على التوفير التي نحصل عليها مرّة واحدة شهريًّا أو سنويًّا تُضاف إلى توفيرنا وبذلك نكتسب فائدة جديدة من الفائدة القديمة (وهذا ما يُدعى بِ مفعول "الفائدة على الفائدة")؛ هذا الأمر يجعل نقودنا التي وفّرناها للتقاعد في عمر صغير ذا قيمة أكبر بكثير في عمر تقاعُدنا.
2. "... لا أستطيع أن أختار المكان الذي أوفّر به نقودي، ربّ العمل هو الذي اختار ذلك لي وأنا متأكّدة بأنّه سيهتمّ بي"
بحسب القانون، يحقّ لكِ أن تختاري الشركة التي ستُدير توفير تقاعُدك، والبرنامج/البرامج الذي/التي تريدين إيداع توفير تقاعُدك به/بها، والمستشار الذي تريدين استشارته بكلّ ما يتعلّق بتوفير تقاعُدك. هكذا حتّى وإنْ اختار ربّ العمل صندوق توفير معيّنًا لجميع مُوظَّفيه فبإمكانك رفض ذلك واختيار صندوق آخر.
يجدر بك أن تعلمي أنّ ربّ العمل لا يستطيع أن يرفض إيداع ما عليه إيداعه في الصندوق الذي اخترتِه.
3. "... أعْلَمُ أنّ ربّ العمل يودِع لي نِسَبًا معيّنة من الراتب القائم الإجماليّ (أي الراتب كما هو قبل خصم الضريبة) ..."
المبلغ الذي يودَع لتوفير التقاعد يؤخَذ من الأجر الأساسيّ (أي الأجر بدون أيّ إضافات كالساعات الإضافيّة أو الهواتف وغير ذلك)، وهو الأجر ذاته الذي يُستخدَم لحساب التعويضات. هذا الأجر يشمل مركّبات الأجر الثابتة، وتودَع نسبة معيّنة شهريّة من هذا الأجر للتقاعد والتعويضات. كما أنّ هناك قانونًا يُلزِم أرباب العمل بإيداع مبلغ ما لتوفير تقاعد مُوظّفيهم. يمكن رؤية المبالغ التي أُفرزت لتوفير التقاعُد في ورقة كَشْف المُرتَّب.
4. "... في حال أنّي فقدتُ القدرة على العمل بسبب مرض أو حادث لا سمح الله فأنا لا أعلم ماذا سيكون دَخْلي..
نحن نعتقد أنّ صندوق التقاعد يعني فقط التوفير المُعدّ لسنّ التقاعد وأنّه عبارة عن النقود التي سنحصل عليها شهريًّا عند تقاعدنا، ولكنّ صندوق التقاعد يشمل تغطيتين تأمينيّتين هامّتين: تأمين في حالة فقدان القدرة على العمل وتأمين في حال الوفاة لا سمح الله.
في حال أنّكِ فقدتِ قدرتك على العمل فهناك إمكانيّة- بناءً على المسار الذي اخترتِه- بأن تتقاضي تعويضًا شهريًّا حتّى نسبة 75% من الأجر الأساسيّ، وبالإضافة إلى ذلك سيستمرّ الصندوق في إيداع الوديعة الشهريّة ذاتها التي أُودِعت للمؤمَّنَة قبل إصابتها بإعاقة.
في حال الوفاة لا سمح الله، سيدفع صندوق التقاعد مخصَّصات شهريّة للزوج والأولاد حتّى جيل 21 (أي للوَرَثَة)
5. "... أودّ كثيرًا بأن أمدّد عطلة الولادة لفترة أطول من تلك المُحدَّدة في القانون وذلك لأنّني أرغب في الاستمرار بالاعتناء بابني... ما معنى ذلك بالنسبة لتوفير تقاعدي وما هي تداعيات مثل هذا الأمر على توفير تقاعدي، وهل عليَّ أن أفكِّر في الاستمرار بإيداع مبلغ ما لتوفير التقاعد بنفسي؟...
في عطلة الولادة يحقّ لكِ الحصول على مُخصَّصات الولادة من التأمين الوطنيّ لمدّة 15 أسبوعًا، وفي هذه الفترة يجب على ربّ العمل أن يستمرّ في إيداع مبلغ ما لصندوق التقاعد. بالإضافة إلى ذلك، يشتمل صندوق التقاعد على تغطية تأمينيّة في حال فقدانك القدرة على العمل أو الوفاة لا سمح الله. إذا توقّف الإيداع، حُفظت هذه التغطية لمدّة 5 أشهر فقط.
إذا طالت عطلة الولادة لمدّة أكثر من ذلك، فمن الممكن أن تخسر المرأة التغطية التأمينيّة التي يشتمل عليها صندوق التقاعد لا بل أكثر من ذلك فيمكن أن تخسر أيضًا كلّ الأقدميّة التأمينيّة التي جمعتها خلال كلّ سنوات التوفير. من أجل الحفاظ على التغطية التأمينيّة يمكن القيام بحفظ التغطيات التأمينيّة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستمرار في هذه الفترة بإيداع مبلغ ما بشكل مستقلّ من أجل الحفاظ على توفير التقاعد، فكلّ شيكل ستوفّرينه الآن سيزيد لكِ توفير تقاعدك بشكل ملحوظ.
باختصار، تهدف الإدارة الصحيحة لتوفير التقاعد في الوقت الحاضر إلى التمتُّع بهدوء نفسيّ في المستقبل. هذا الأمر يتطلّب في بعض الأحيان إجراء تغييرات ملائمة به بناءً على ظروف الحياة والقرارات التي ستّتخذينها اعتمادًا على احتياجاتك الخاصّة بكِ. لا تنتظري حتى بلوغك التقاعد بل توجّهي الآن إلى استشارة في موضوع التقاعد لكِ ولعائلتك.
توضيح: البنك ليس مستشارًا ضريبيًّا. كلّ ما وَرَدَ أعلاه عبارة عن معلومات وشرح عامّ فقط وهو صحيح حتّى موعد نشره، ولكنّه لا يُعتبَر استشارة بموضوع التقاعد أو الاستثمارات أو استشارة ضريبيّة، كما أنّه لا يُعتبر بديلاً عن تلقّي الاستشارة الشخصيّة التي تأخذ احتياجات كلّ إنسان بعين الاعتبار. ستُعطى الاستشارة بموضوع التقاعد بناءً على شروط البنك. تلقِّي استشارة بموضوع توفير التقاعد منوط بعمولة معيّنة كما هو مفصّل في جدول أسعار البنك. ليس في كل ما ذُكر أي التزام بتوفير لأي مبلغ كان.
بقلم: ليهي عيناب
بالنسبة لنساء كثيرات، فإن فتح مصلحة تجارية مستقلة يمكن أن تكون تجربة رائعة ومفيدة. سواء كنتِ معنية ببناء ستارت-اب أو إقامة مصلحة تجارية صغيرة، فإن الفرصة لكي تكوني سيدة نفسك وتحقيق شغفك وأحلامكِ يمكن أن تكون مجزية جدًا. مع ذلك، فإن السير نحو عمل ريادي ناجح والاستقلالية في العمل يمكن أن يكون أمراً مخيفا، وفي أحيان متقاربة يتطلب قدرا كبيرا من التخطيط والجهد. على الرغم من التحديات، فإن فتح مصلحة تجارية مستقلة خاصة بكِ قد يعني اختراقك للسقف الزجاجي للدخل المادي، يمنحك الحرية للقيام بما ترغبين به وبأن تكوني نموذج ايجابي للمحيطين بكِ. في هذا المقال، سوف نقدم عددا من النصائح والاستراتيجيات للنساء اللواتي يفكرن في فتح مصلحة تجارية مستقلة خاصة بهن. فسواء كنتِ صاحبة مصلحة تجارية قديمة أو جديدة في عالم الأعمال، أو كنتِ أجيرة أو تبحثين عن عمل– فإن هذه النصائح سوف تساعدكِ وتوجهكِ في الطريق لبناء مصلحة تجارية ناجحة وتتيح لك إمكانية تحقيق النمو التجاري، المالي والإبداعي.
استعدي لسنة مُركبة واستعيني بأفراد العائلة للمساعدة: السنة الأولى من فتح المصلحة التجارية تكون عادة سنة صعبة ومليئة بالضغوطات. فجأة ستكتشفين أنه ليس عندك دخل ثابت، وإذا لم تفعلي أي شيء هذا الشهر لن يدخل إلى حسابك أي شيء. حتى لو كنت تعلمي ذلك فإن "الحكي مش مثل الشوف"! لذلك، فإن وجود دعم، ليس بالضرورة مالي، من أفراد عائلتك، وخاصة العائلة المُصغرة، هو أمر ضروري لمساعدتك على تجاوز المراحل الصعبة.
اسألي نفسكِ الاسئلة الصحيحة – كي تكوني مستقلة عليك الإجابة على بعض الأسئلة الضرورية مثل لماذا اريد أن افتح مصلحة تجارية مستقلة، ما هو الهدف الأهم الذي أريد تحقيقه في هذه المصلحة التجارية؟ من المهم جدا أن تفهمي سبب دخولك هذه التجربة، إذا لم يكن لديك سبب جيد، فهناك احتمال بأن تيأسي في المواقف الصعبة بل وربما حتى تقررين التنازل عن مصلحتك التجارية.
عندما يكون لديك الإجابات الواضحة على هذه الأسئلة، ستتذكرين في المواقف الصعبة ما الذي دفعك إلى خوض هذه التجربة من البداية.
جربي في البداية مرحلة العمل كأجيرة ومستقلة في نفس الوقت: من الصعب القيام بهذه النقلة مرة واحدة. إذا توفرت لديكِ إمكانية العمل كأجيرة وفتح مصلحة تجارية خاصة بكِ في نفس الوقت – فهذا افضل لأنك لن تتعرضين لضغوطات مالية بسبب وجود دخل مضمون من عملك كأجيرة.
هل وجدتِ المجال الذي يثير اهتمامك لفتح مصلحة تجارية؟ ابدأي بدراسته بموازاة عملكِ كأجيرة، كرّسي له في البداية عدة ساعات أو يومًا واحدًا في الأسبوع. قومي بإجراء بحث حول الموضوع، حضري خطة عمل وابدأي بتنفيذها بشكل تدريجي من أجل حتى الوصول إلى استقلالية كاملة وتكوني جاهزة لترك عملك كأجيرة.
قومي بإجراء بحث معمق. فكلما عرفتِ أكثر، كلما زادت احتمالات النجاح. قبل أن تفتحي المصلحة التجارية، قومي بدراسة وعمل أبحاث عن السوق، جمهور الهدف والمنافسين – الأسعار وسلة الخدمات التي يمكنك تقدميها. هذا هام إلى درجة كبيرة لكي تفهمي مجال عملك الجديد، خاصة وأن السنة الأولى لأي مصلحة تجارية هي بالفعل معقدة.
افصلي بين حساب البنك للمصلحة التجارية وحسابك الخاص. كي تسهل إدارتك المالية، من المفضل الفصل بين حسابكِ الخاص الذي تديرين فيه ميزانية الأسرة، وبين الحساب التجاري الذي يوصى بفتحه من البداية. النفقات والإيرادات التي تتعلق بالمصلحة التجارية تُدار في الحساب المنفرد للمصلحة. بالإضافة إلى ذلك، حوّلي من الحساب التجاري إلى الحساب الخاص راتبًا شهريا. هذه هي المرحلة الأولى لتعويد نفسكِ على دخل ثابت من مصلحتك التجارية. إذا لم تقومي بالفصل، ستواجهين بشكل سريع جدا وضعًا يتم فيه خصم ضريبة القيمة المضافة قبل حساب مشتريات السوبر ماركت، أو أن يُلزمك التأمين الوطني بالدفع بشكل غير متوقع ولن تنجحي في التوضيح لشريك حياتكِ أو شريكة حياتكِ ماذا يحدث في شؤونك المالية. علاوة على ذلك لن تستطيعي التمييز بين الربح والخسارة بشكل صحيح.
الإبتكار سر التميّز – الخطأ الشائع هو أن تفكري ماذا تريدين أن تبيعي لزبائنك. حاولي أن تعكسي اتجاه تفكيرك وافهمي ماذا يحتاج زبائنكِ، وليس ماذا تعتقدين أنه ينقصهم. افعلي ذلك عن طريق دراسة السوق، تصفح شبكات التواصل الاجتماعي، إجراء استبيانات لزبائن قائمين، زبائن من الماضي وزبائن محتملين وإذا لزم الأمر استثمري باستشارة تجارية لتطوير منتوجات وخطة عمل.
الحضور في الديجيتال ضروري لكن... – يقول لك الجميع أنه يجب أن يكون عندك موقع على شبكة الانترنت، يجب عليك فتح حساب في التيك توك ولا تتنازلي عن قناة يوتيوب، ولا تنسي – لا سمح الله – حساب الانستغرام لان فيه المال الوفير. انتظري لحظة، خذي نفس. تعدد المنصات هو أمر مبارك لكنه يحتاج إلى وقت وجهد. لا تحاولي أن تكوني في كل مكان في نفس الوقت، اختاري المنصة ديجيتال مريحة أكثر لكِ وابدأي من هناك، افحصي ما هي المنصة التي يتواجد بها زبائنك وابدأي منها.
استعيني بمرشد أو بمرشدة – شبكة الانترنت مليئة بقصص النجاح، جدي لنفسكِ شخصا من الذين انطلقوا في الطريق التي تنوين السير فيه وحققوا النتائج التي تطمحين إليها واستنبطي منهم المعرفة. هذا هو الوقت المناسب لكي تكوني جريئة، ارسلي لها رسالة، شاركيها بأنكِ تنوين بناء مصلحتك الخاصة وأنه يسركِ أن تتعلمي منها ما تستطيع أن تعلّمك إياه. لا يوجد أفضل من الالتقاء بها على فنجان قهوة. القهوة مع الاشخاص الذين قاموا بفعل أمور مشابهة ويمكن أن يكونوا المفتاح لأول زبون لكِ. اطرحي عليهم سؤالًا واحدًا: ماذا كنتم ستفعلون بشكل مغاير اليوم من ناحية إدارة المصلحة التجارية؟
حددي لنفسكِ أهدافًا محددة وواضحة. سجليها على صفحة ولا تقللي من قيمتكِ. فكلما كانت تلك الأهداف دقيقة وواضحة بالنسبة لكِ، سوف تعرفين الطريق لتحقيقها. إسألي نفسكِ ما هو هدف مبيعاتك وخلال كم من الوقت سوف تحقيقينه. سجليه على ورقة وضعيها أمامك دائما.
حددي دائرة المهنيين والمهنيات اللذين تحتاجينهم لتطوير مصلحتك وأحيطي نفسكِ بطاقم مهني تستطيعين أن تعتمدي عليه في الجوانب التي لا تفهمين، مثل: تدقيق الحسابات، التأمينات، التسويق، الشؤون الإدارية وما شابه ذلك.
أعرفي حقوقك وواجباتك – توجد للمستقلات ميزة هامة تتمثل في القدرة على ايداع الأموال في صندوق الاستكمال. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضا التصريح عن تلك الايداعات وعن الايداعات لصندوق التقاعد كمصروفات تجارية والإبلاغ عنها في نهاية السنة الضريبية.
خلاصة الأمر،
تذكري أن تأسيس مصلحة تجارية هو مشوار طويل، وربما يستغرق وقتا كي تري ثمار عملك. ظلّي دائمة ايجابية ومُثابرة، تذكري في أوقات الشدة لماذا قررت الانطلاق في هذا المشوار ولا تخافي من طلب المساعدة إذا ما احتجتِ لها. بالنجاح.
بقلم: ليهي عيناف
أنا متأكّدة أنّكِ تنزعجين في كلّ مرّة تقرأين في الصحافة الاقتصاديّة أنّ الأجر الذي تتقاضاه النساء أقلّ من ذلك الذي يتقاضاه الرجال. أشعر بأنّنا نحن- الأمّهات- لنا دَوْر في تغيير هذا الواقع. لذلك أودّ أن أؤكّد لكلّ الأمّهات القارِئات لهذا المقال بأنَّ لنا دَوْرًا هامًّا وحاسمًا في صَقْل الجانب الاقتصاديّ لشخصيّة بناتِنا وبلورة توجّههنّ وسلوكهنّ الاقتصاديَّيْن.
ابنتك تراكِ كلَّ يوم وتتعلم منك زمن تصرفاتك في جميع جوانب الحياة بما في ذلك الجوانب الماليّة. عندما تتحدّثين مع ابنتك عن النقود بشكل مُنفتِح وصريح يمكنك حينئذٍ أن تُزوِّديها بالمعرفة اللازمة والثقة لاتّخاذ القرارات العقلانيّة التي ستؤثّر على مستقبلها الاقتصاديّ. تجدر الإشارة إلى أنّ الثقافة الماليّة -ابتداءً من تعلُّم كيفيّة بناء الميزانيّة وحتّى الاستثمارات- هي مهارة حياتية أساسية، إذ بإمكانها أن تقوّي ابنتك وتساعدها على تحقيق أهدافها والازدهار في السنوات المقبلة من حياتها. لذلك أقدِّم لكِ فيما يلي بعض الإرشادات العمليّة لتطوير حوار مُنفتِح عن المال مع ابنتك، وذلك من أجل تقوية الأمان الماليّ لكِ ولها.
تحدّثي عن النقود في البيت، ابنتك تراكِ كلَّ يوم وتتعلّم منك طوال الوقت وأفضل طريقة للتعلُّم هي واقع الحياة. يمكنكِ أن تُعلِّمي ابنتك كيف تُدير الأموال بشكل مسؤول من خلال ما تقومين به من أفعال وسلوكيّات. شارِكيها بالطريقة التي تعرّفتِ بها على الإدارة الماليّة وبكيفيّة اكتساب معرفة كهذه (مثلاً من خلال موقع المركز للنموّ الماليّ) ويمكنكما أيضًا أن تُحدِّدا لَكُما موعدًا في يوميّاتكما لتجتمعا به وتتحدَّثا عن النقود. في الكثير من الحالات، أحد الوالِدَيْن فقط يتحدّث عن النقود مع أبنائه أو أنّ أحد الوالدين فقط يُعتبَر العنوان الرئيسي لهذا الموضوع في البيت. بيِّني لها أنّه لا يوجد فرق بينك وبين زوجكِ بهذا الشأن. أَشْرِكي زوجك في بعض محادثاتك مع ابنتك عن النقود وهكذا لن تؤول الحالة في البيت إلى وَضْع يبدو به للأولاد أنَّ أحد الوالِدَين فقط هو الذي يفهم بالأمور الماليّة وهو الذي يُدير الشؤون الماليّة حتّى وإنْ كان الأمر كذلك فعليًّا في البيت.
كلّما تحدَّثْتِ مع ابنتك عن النقود في جيل مبكّر كان ذلك أفضل. علِّمي ابنتك كيف تُدبّر الأمور الماليّة منذ سنّ صغيرة كي تتمكّن من تطوير عادات جيّدة ستبقى راسخة في ذهنها وسترافقها مدى الحياة. لدينا الكثير من الفُرَص للقيام بذلك، سواء كان ذلك عن طريق مصروفها الشخصيّ أو النقود الذي جاءها هديّة أو حتّى عن طريق المعاش التي تتقاضينه أنتِ بنفسك. أَخبِرِيها عن الطرق الممكنة لِكَسْب المال، زيادة الدَّخْل، إدارة المَصاريف وتوفير مالِها. إذا رغبت ابنتك في البدء بالعمل فكِّري وإيّاها باحتمالات عمل مختلفة وليس فقط العمل كَ "بيبي سيتِر". مثلاً: يمكنها طباعة قمصان لصفّها، تحضير كعك وبيعه والإعلان عن ذلك في الواتساب لأهل الحيّ، تدريس دروس خصوصيّة في الرياضيات لابن الجارة، تحويل حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعيّ لمصدر رزق. تحّدثي مع ابنتك وقَوِّيها.
أَشْرِكيها في اتّخاذ القرارات المتعلّقة بالشؤون المالية للبيت- مثلاً المشتريات في السوبر، التحضيرات لعطلة عائليّة أو حتّى اختيار مطعم ما لتناوُل الطعام فيه. اشرحي لها اختياراتك، الأمور التي أخذتِها بعين الاعتبار في اختياراتك وعلى ماذا اعتمدتِ عند اتّخاذكِ لقرارات من هذا النوع. في بعض الأحيان نحن نرفض شيئًا ما ونقول "لا" دون أن نشرح السبب الاقتصاديّ وراء ذلك الذي لطالما يكون سببًا هامًّا للغاية.
ضَعِي وإيّاها أهدافًا ماليّة- للعائلة ككلّ ولها بشكل شخصيّ، مثل التوفير للقسط الجامعيّ أو لرحلة ما ترغب القيام بها قبل تجنُّدها للجيش. ساعِديها على فَهْم وإدراك الأهداف التي تهمّها كالتعليم، شراء سيارة أو حتّى موبايل جديد. يهمّني أن أقول لكِ أنّ مفهوم الزمن لدى المراهقات يختلف عن مفهومنا، فنحن- البالغين- نرى أنّنا سنبلغ السنتين التاليتين بلمح البصر أمّا بالنسبة للمراهقات فبلوغ السنتين التاليتَيْن يبدو وكأنّه فترة طويلة للغاية لا بل أبديّة.
شجِّعيها على توفير النقود- اذهبي معها إلى البنك لفتح حساب بنكي للشبيبة أو اختارا معًا مسارًا للتوفير. اشرحي لها أهميّة التوفير للمستقبل وللأهداف الماليّة التي ساعدتِها على بلورتها. نصيحة أخرى صغيرة: تأكدي أنها تعرف كيف تستخدم الوسائل الديجيتالية للاطلاع على وضع حسابها وفِّري لها الإتاحة الرقميّة للمكان الذي يمكنها به رؤية نقودها تتجمّع وتزداد.
كوني مستعدّة للإجابة عن أسئلتها وتزويدها بالإرشاد اللازم. إذا صادفتِ سؤالاً لا تعرفين الإجابة عنه استغلّي ذلك كفرصة للتعلُّم عن ذلك وإياها ولا تتنازلي أبدًا حتّى وإنْ بدا لك أنّ ابنتك تستغرق الكثير من الوقت لفهم المصطلحات كما يجب. من المفهوم ضمنًا أنّ المراهقات يسألن الكثير من الأسئلة بما في ذلك أسئلة عن المال. استغلّي ذلك للتعلُّم. هناك مثلاً الكثير من المجموعات في الفيسبوك التي يمكنكِ بها استشارة نساء أخريات حول الأسئلة التي طرحتها ابنتك ومساءلتهن عن الإجابات التي وفّرنها لبناتهن عن تلك الأسئلة، فأنت لستِ وحيدة.
هل تراكِ ابنتك عندما تشترين غرضًا ما من الإنترنت؟ إذًا من المهمّ أن تفسّري لها المخاطر التي تكمن في ذلك- عليكِ أن تشرحي لها جميع حِيَل المواقع التي من المؤكَّد أنَّ ابنتك لا تعرفها (مثلاً عندما يُكتَب في الموقع أنّ هذا الغرض الأخير الذي تبقّى بهذا اللون أو عندما يُغريكِ الموقع بأنّه بإمكانك اقتناء ما تُريدين بكلّ بساطة إذ أنّ هذا الأمر لا يتطلّب منك سوى الضغط على الغرض الذي ترغبين به).
عَلِّميها كيف يجب التعامل الدُّيون- اشرحي لها معنى الدَّيْن، كيف نصل إلى وضع كهذا والأهمّ من ذلك اشرحي لها كيف بإمكانها التحرر منه. هذه فرصة ممتازة للتحدُّث معها عن بطاقة الاعتماد والفوائد المصرفيّة والتداعيات التي تنجم عن عدم الدفع في الوقت المناسب وعدم الالتزام بالتعهّدات الماليّة. تعليمكِ لابنتك العادات والأساليب الصحيحة لكيفيّة الالتزام بالتعهّدات الماليّة يُعتبر أمرًا هامًّا، ولذلك عليكِ تعليمها ذلك منذ سنّ صغيرة.
باختصار،
التحدّث عن النقود ليس بالأمر المُحرَّم، لا بل من المحبّذ الحديث عن ذلك في البيت. أشْرِكيها في الميزانية العائليّة، كيف تُديرين معاشكِ عندما يدخل إلى حسابك، كيف تقسّمين مصاريفك، مثلاً متى ندفع الفواتير، كيف نحدّد ميزانيّة للسوبِر، كم نُوفِّر من معاشِنا، كيف نُدِير الميزانية إذا كانت هناك قروض وما شابه ذلك.
علّميها أن تتعلّم حتّى وإن كانت تتعلّم من التِكتُوك أو من مواقع أخرى في الإنترنت كموقع المركز للنموّ الماليّ- نحن لم نُخلَق خُبراء بالشؤون الماليّة ومن المُرجَّح أنّنا لم نتعلّم ذلك في المدرسة أو في البيت، ولكنَّ هذا الوضع سيتغيّر بفضلكِ أنتِ.
التمكين المالي أمر أساسي في سيرورة النموّ الشخصيّ والنجاح بالنسبة للفتيات. المفتاح لتحقيق ذلك يكمن في التعامل مع التربية الماليّة كعمليّة متواصلة تحتاج إلى الصبر والمواظبة والاستعداد للتعليم والتعلُّم. من خلال وَضْع أهداف ماليّة وتطوير الميزانيّة والاستثمار الذكيّ بإمكان الفتيات أن يؤسّسن لهنّ قاعدة اقتصاديّة قويّة ستخدمهنّ طوال حياتهنّ. من خلال الإرشاد والدعم الصحيح بإمكان الفتيات أن يكنّ واثقات بأنفسهنّ وقويّات بما فيه الكفاية للسيطرة على مستقبلهنّ الاقتصاديّ وتجاوُزهنَّ لكل عائق يعترض طريقهنّ وتحقيقهنَّ لأحلامهنّ. تذكَّري أنّ التقوية الماليّة لا تعني فقط النقود.
يمكن للمعرفة الماليّة أن تبلور شخصيّة ابنتك وتوفّر لها الحريّة لعيش الحياة التي تريدها وأن تستخلص أقصى ما يمكن استخلاصه من الفُرَص المُتوفِّرة لها.
ما زالت هناك نساء كثيرات لا يجرؤنَ على طلب ترقية في العمل أو زيادة على المعاش، ولكن ستستطعنَ تعليم بناتكنَّ فِعْلَ ذلك بثقة عالية، وذلك بواسطة تزويدهنَّ بالأدوات اللازمة والتوجيه الصحيح. ولكن قبل كلِّ ذلك- كُنَّ أنتنَّ بأنفسكنَّ قدوة لبناتكنَّ واُكْفُفْنَ عن ترديد الجملة التالية: "تحدَّثوا مع زوجي عن كلّ ما يتعلّق بالمال".
"من غير اللائق طلب زيادة على المعاش لأنّني لم أُثبِت نفسي في العمل حتّى الآن"، أو "قَبِلتُ المعاش الذي اقتُرح عليّ في العمل لأنّه بدا لي مُناسبًا ومُنصِفًا، ولذلك لم أجادلهم حول ذلك". هل هذه الجُمَل مألوفة لَكُنَّ؟ جميع النساء يعلمنَ أنَّ الفجوة بين أجر الرجال والنساء تصل إلى نسبة 30%، أمّا في القطاع العامّ فيمكن لهذه الفجوة أن تصل إلى نسبة 50%. هناك دائمًا محاولات لحثّ وتعجيل موضوع المساواة بين الجنسين سواء كان ذلك عن طريق أقسام المَوارِد البشريّة، غُرَف الإدارة أو المبادرات الهامّة الأخرى.
بدأت نقطة التحوُّل في الحديث عن أجر النساء على أثر الجهود التي بذلتها الشركات الكبيرة في الجهاز الاقتصاديّ بهذا الشأن إذ هدفت هذه الجهود إلى زيادة الوعي حول موضوع الأجر. الكثير من النساء اللواتي لم يعتبرنَ أنفسهنَّ قادرات على إدارة نقاش جدّيّ عن أجرهنَّ أو أجر زميلاتهنَّ في العمل أصبح بإمكانهنَّ الآن قيادة تغيير، ولكنّ هذا الأمر ينطبق فقط على قطاعات قليلة ولذلك فإنّه لا يُنبئ بحدوث تغيير وشيك في جميع المِهَن الأخرى الأقلّ طلبًا في الجهاز الاقتصاديّ، وذلك على الرغم من وجود قانون يُلزِم الشفافيّة والوضوح في الأجر.
بالإضافة إلى المفهوم الخاطئ والشائع بأنّ النساء والنقود هما نقيضان لا يجتمعان أبدًا إلّا في التسوُّق والشراء بواسطة بطاقة الاعتماد، فإنَّ المشكلة الأساسيّة تكمن في الفجوة بين نظرة المرأة لنفسِها وبين ما هي بالفعل على أرض الواقع. الكثير من الأبحاث التي أُجريت في الموضوع توصَّلَت لنفس الاستنتاج: النساء بكلِّ بساطة يطلبنَ أقلّ من الرجال أو حتّى أنّهنّ لا يطلبنَ أبدًا، وذلك لأنّهنَّ يَخْشَيْنَ تخييب أمل المدير/ة في العمل أو لأنّهنَّ يَخَفْنَ من الفشل في المفاوضات. بكلمات أخرى، للنساء ثقة متدنّية في النفس لا تتناسب مع مهارتهنَّ وخبرتهنَّ الكبيرتَيْن. هكذا، تتكوَّن لدى النساء فجوة كبيرة بين نظرتهنَّ لأنفسهنَّ وبين قدراتهنَّ الحقيقيّة خلال كلّ مسيرتهنَّ المهنيّة. فَهُنَّ لا يُقدِّرْنَ أنفُسهنَّ على إنجازاتهنَّ، أمّا بالنسبة للحديث عن الترقية وتسويقهنَّ لأنفسهنَّ فيُعتبر ذلك بالنسبة لهنَّ أصعب بكثير.
كما هو الحال في كلّ أمر، المشكلة المركزيّة تكمن في نقطة الانطلاق. لتغيير المفاهيم المُثبِّطة والمُعيقة لدى امرأة في الثلاثين من عمرها هناك حاجة إلى بذل جهود مُكثَّفَة ابتداءً من إجراء أبحاث في الموضوع وحتّى القيام ببرامج داخل المنظّمات نفسها، إجراء برامج تأهيل وحلقات بحث وغير ذلك. من الممكن أن تنجح هذه المرأة في التقدُّم وأن تُحقّق جزءًا من قُدراتها الاقتصاديّة، ولكنّ المشكلة الأساسيّة ما زالت راسخة في مكانها ألا وهي العامِلة التالية في الدَّوْر- أو بمعنى آخر- جيل المستقبل. هذا المرأة العاملة في المستقبل ما زالت طفلة الآن. بناءً على الأبحاث، التقدير الذاتيّ لدى الفتيات بعمر العشر سنوات أو بعمر 14 وَ 18 عامًا ينخفض بشكل ملحوظ الأمر الذي سيردعهنَّ فيما بعد عن طلب ما يَسْتَحْقِقْنَهُ. هكذا يَصِلْنَ إلى عالم العمل بدون أيّ أدوات لِتساعدهنَّ على النموّ وتعزيز مكانتهنَّ ومع فجوة متأصِّلة بينهنَّ وبين الرجال يصعب تقليصها.
إذًا كيف يمكننا أن نفعل ذلك بالشكل الصحيح؟ كيف نتحدّث مع بناتنا عن المال؟ عندما أتحدّث عن المال فأنا لا أقصد بذلك المصروف الشخصيّ وعمّا إذا كنتُ مع أو ضدّ ذلك، وإنمّا أقصد ما يمكنني أن أفعل بهذا المصروف؟ لماذا يجدر بي أن أعمل، ما الأشياء التي يُتيحها لي العمل وكيف يؤثّر العمل على شعورنا تجاه أنفسنا. بغية تغيير مفاهيم خاطئة يجدر بنا تطبيق بعض الممارسات منذ سنّ صغيرة التي بإمكانها أن تشكّل أساسًا هامًّا للتفكير الماليّ الإيجابيّ.
مثلاً علِّمي ابنتك المراهقة المقارنة والتقييم. هل تعمل ابنتك بيبي سيتِر؟ من الممكن أنّ 15 شيكلاً للساعة يُعتبر كافيًا في نظرها، ولكن أليس من الممكن أنّ هذا الأجر غير مقبول في الحيّ الذي تسكن به؟ إذًا هذه فرصة رائعة لتعليمها درسًا عن الأجر المُنصِف واللائق. علِّمي ابنتك أن تسأل صديقاتها عن الأجر الذي يتقاضينه مقابل نفس العمل. تحدَّثي مع ابنتك وحاوِلي أن تفهمي إذا كان الأجر الذي تتقاضاه يتناسب مع نظرتها لنفسها بالنسبة للوظيفة التي تقوم بها. دعيها تفكِّر إذا كان الأجر كافيًا لها، كم ساعة يجب عليها أن تعمل حتى تشتري ما خطّطت إليه (وإذا لم تخطّط إلى شراء شيء ما كانت تلك فرصة ممتازة للجلوس معها ومساعدتها على تحديد هدف ما لنفسها).
شجِّعنَها على الطلب وليس الحصول. ساعدنَها على تقدير السعر الذي تستحقّ أن تتقاضاه من عملها، ما السعر المقبول لهذا العمل، وتحديد المبلغ المطلوب. يمكن دائمًا التداول في طلب زيادة على المعاش أو تحسين شروط العمل. إذا كانت واعية لشروط العمل وللمسؤوليّات الملقاة على عاتقها وصمّمت دائمًا على رأيها ولم تتنازل عمّا تستحقّه خلال عملها كبيبي سيتِر أو أي عمل آخر كالمشي مع كلب الجيران فإنّها بالتأكيد ستنجح أكثر في الوظائف المعقّدة التي ستشغلها مستقبلاً. من المهمّ التنويه بأنّه من المُفضَّل أن تبدأ كلّ محادثة من هذا النوع بكلمات مُشجِّعة تُظهِر لها قدراتها وقيمتها.
وقبل كلّ ذلك عليكنَّ أن تكنَّ قدوة لبناتكنّ ومصدر إلهام بالنسبة لهنَّ. حدِّثنَ بناتكنَّ عن زيادة المعاش التي حصلتنَّ عليها، على الترقية التي نجحتنَّ في تحقيقها، والمفاوضات الناجحة التي قمتن بها والتي آلت إلى نتائج ممتازة. يمكنكنَّ أيضًا مشاركتهنَّ بخيبات الأمل التي مررتن بها والتعلُّم سويًّا من ذلك. بالإضافة إلى ذلك، لا تَبْخَلْنَ في قصّ قصّة شخصيّة عليهنَّ من ماضيكنَّ المهنيّ وإعطائهنَّ دروسًا في توفير المال والاستثمارات وغير ذلك.
ولديّ لَكُنَّ طلب أخير: تخلَّصْنَ بسرعة من كلِّ ما يؤخِّركنَّ بهذا الموضوع. اجلسنَ لوحدكنَّ وتعلّمنَ بعمق عن حسابكنّ في البنك، وتقاعدكنّ وحقوقكنّ، ثمّ ادخلن إلى مُدريكنّ/مُديرتكنّ في العمل واطلبن زيادة على المعاش. عندما يسألكنَّ أحدهم عن المال أو عندما تحتجن إلى القيام بمفاوضات ماليّة توقفنَّ عن القول "تحدَّث مع زوجي عن الموضوع". إذا نجحنا في تنمية تفكير جنسانيّ واعٍ للمواضيع الاقتصادية سيكون بإمكاننا - بعد عقد أو عقدين- الالتقاء بنساء لا يستطعن أن يتخيّلن كيف أنّ الوضع كان على ما هو عليه الآن.
كاتبة المقال هي مديرة جمعيّة ﺸﭭوت
*"المعلومات التي تظهر في الموقع هي عامه وتهدف لتوسيع الافاق بكل ما يتعلق بالتخطيط المالي, انتبهوا ان المعلومات قد تكون جزئية ولذلك فهي لا تشكل بديلا للاستشارة الشخصية. المعلومات في الموقع ليست استشاره , نصيحة, رأي او اي بديلا للاستشارة الاحترافيه المعده للزبائن بشكل شخصي".