يعلّمنا التاريخ أنّه عند حدوث الأزمات والحروب، هناك مَن يميلون لاتخاذ خطوات خاطئة، يمكنها أن تؤثر بشكل كبير على المخصصات المتوقعة لجيل التقاعد، والتسبّب بضرر بعشرات بل بمئات آلاف الشواقل في التوفير، على امتداد السنوات.

كيف ندير محفظتنا التقاعدية، للحفاظ على الحصانة الاقتصادية للعائلة في الفترة الراهنة، وما هي الأخطاء الشائعة التي يجب تجنّبها في هذه الفترة بالذات؟

1. العمّال في إجازة غير مدفوعة، وتأثيرات ذلك على التوفير التقاعدي

الكثير من العمال يضطرّون للخروج إلى إجازة غير مدفوعة، ويجب فحص إمكانية الاستمرار في إيداع الأموال بشكل جارٍ للمحفظة التقاعدية، لأنّه عند الخروج إلى إجازة غير مدفوعة، لا يقوم المشغّل بإيداع الأموال للبرنامج التقاعدي، ويجب على العامل أن يهتم بنفسه في مواصلة التغطيات التأمينيّة، والحفاظ على الشروط الأصلية للبرنامج، من خلال التنسيق مع الشركات التي ندير البرنامج، إلى أن يعود إلى العمل. 

معالجة هذه المواضيع أمر هام جدا، وذلك لئلا نضطر مستقبلا لتقديم تصريحات صحية عند تجديد الإيداعات في البرامج التقاعدية، والحفاظ على الحقوق القائمة. 

2. يجب فحص مسار الاستثمار وفقا للجيل ولمستوى المخاطرة المفضّل. 

إضافة للتخوّف من المسّ بالعوائد، يجب أن نفحص بشكل ذكي وحكيم مسار الاستثمار القائم في البرامج التقاعدية، وملاءمته بشكل شخصي لمستوى المخاطرة المفضّل. تختلف مسارات الاستثمار من حيث مستويات المخاطرة في المسار المعتمد للاستثمار، نسبة العوائد المتوقعة وما إلى ذلك. 

التوفير التقاعدي هو توفير طويل الأمد، ويتمّ التوفير فيه طيلة سنوات طويلة، وغالبا ما يبدأ مع بدء العمل ويستمر حتى الخروج إلى التقاعد. يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار في إدارة التوفير الخاص بنا، وملاءمة مستوى المخاطرة ومسارات الاستثمار خلال أوقات الأزمات أيضًا.

3. لا يُفضّل سحب أموال التعويضات قبل أن تفهموا جوانب وتأثيرات ذلك 

في هذه الفترة، وفي ظلّ الحرب، قد يواجه الكثيرون ضائقة اقتصادية بسبب ترك مكان العمل، مثلا، وجراء ذلك سحب أموال التعويضات من البرامج التقاعدية. بالرغم من الإغراء الكبير، يجب التفكير في هذا القرار بعقلانية، والبحث عن بدائل أخرى بدلا من سحب أموال التعويضات. 

هذه العملية شائعة جدا، لكن يجب أن نفهم أنّ أموال التعويضات تشكّل مركّبا مهمًا من التقاعد المستقبليّ، وسحبها يمكن أن يقلّل إلى حدّ كبير من مخصصات التقاعد المتوقعة.

4. من المهم أن تفحصوا وتلائموا برامجكم التقاعدية وفقا للجيل، الاحتياجات الشخصية والحالة الاجتماعية القائمة. 

في هذه الفترة بالذات، تُطرح أسئلة صعبة جدا، مثلا: كم سيكون دخلي ودخل عائلتي، في حال فقدان القدرة على العمل أو الإعاقة؟ على ماذا سيحصل المستفيدون، الورَثة، أو الورثة الشرعيون في حال الوفاة، لا قدّر الله؟

فحص المسار التأميني في البرنامج التقاعدي مهم جدًا ويجب أن تتمّ ملاءمته شخصيّا وفقا للاحتياجات والحالة الاجتماعية وأهداف التوفير.

5. استشارة تقاعدية متواصلة في كل مراحل الحياة

توفيرنا التقاعدي من المفترض أن يخدمنا عند خروجنا إلى التقاعد، وحتى نستطيع إدارته بالشكل الصحيح وأن نكون مستعدّين قدر الإمكان، يجب تلقّي استشارة مالية متواصلة حول الملف التقاعدي، وفي كلّ مراحل حياتنا المختلفة، بما في ذلك في حالات الحرب، الأزمة الاقتصادية، الخروج في إجازة غير مدفوعة، الخروج أو الانضمام لسوق العمل، تغيير الحالة الاجتماعية، بلوغ سنّ التقاعد وما إلى ذلك. كلّ تغيير كهذا يمكن أن يغيّر من احتياجاتنا الشخصية، وعليه يجب ملاءمة التوفير التقاعدي بشكل متواصل لاحتياجات التوفير وأهدافه.